فصل: 7- إذا تعارض مندوبان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.2- يباح المحظور عند الاضطرار إليه.

فيحل للعبد كل محرم اضطر إليه كالميتة، ولحم الخنزير ونحو ذلك؛ لمنع الهلاك عن نفسه، والضرورة تقدّر بقدرها، فإذا اندفعت وجب على المضطر الكف.
قال الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ [119]} [الأنعام:119].
وقال الله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [173]} [البقرة:173].

.9- القاعدة التاسعة: الأصل في الأشياء الإباحة.

فكل ما خلق الله الأصل فيه الحل والإباحة ما لم يرد دليل يحرمه.
وكل ما صنع الإنسان من الآلات والأجهزة فالأصل فيه الحل والإباحة ما لم يرد فيه دليل يحرمه.
فالأصل الإباحة في كل شيء، والتحريم مستثنى.
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [29]} [البقرة:29].
وقال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [145]} [الأنعام:145].

.10- القاعدة العاشرة: الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله لازِمان في كل عمل.

فهذان الأصلان شرطان في كل عمل يبتغي به العبد وجه الله، سواء كان ظاهراً كأعمال الجوارح، أو باطناً كأعمال القلوب.
فكل عمل لابد أن يكون خالصاً لله، مراداً به وجهه ورضوانه وثوابه، ولابد أن يكون مأخوذاً من الكتاب والسنة.
فهذا هو العمل الصحيح المقبول عند الله، وكل ما سواه مردود.
قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [5]} [البيِّنة:5].
وقال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [7]} [الحشر:7].
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتْ: قال رَسُولُ: «مَنْ أحْدَثَ فِي أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه.

الأعمال الصالحة إذا وقعت من المرائين فهي باطلة؛ لفقدها الإخلاص.
وكل عمل يفعله العبد لله لكنه غير مشروع فهو باطل؛ لفقده المتابعة.
فالأول ميزان الأعمال الباطنة.. والثاني ميزان الأعمال الظاهرة.
وكل معاملة من بيع، أو إجارة أو غيرهما تراضى عليها الطرفان، لكنها ممنوعة شرعاً فهي باطلة ومحرمة؛ لأن الرضى إنما يشترط بعد رضى الله ورسوله.
وكل تبرع نهى الله ورسوله عنه فهو باطل ومحرم كإعطاء بعض الأولاد دون بعض، أو تفضيلهم في العطايا والوصايا والمواريث.

.جميع الأحكام مأخوذة من الكتاب والسنة، وهما الأصل.

والإجماع مستند إليهما، والقياس الذي هو العدل مستنبط منهما.

.11- القاعدة الحادية عشرة:

العدل واجب في كل شيء والفضل مسنون في كل شيء.
والعدل: أن تعطي ما عليك كما تأخذ ما هو لك.
والفضل: هو الإحسان ابتداءً، أو الزيادة على الواجب.
فجميع العبادات والمعاملات والأخلاق العدل فيها واجب، والفضل مسنون.
فالعبادات كالطهارة، والصلاة، والصيام، والحج وغيرها.
وأداء العبادات له حالتان:
أداء مجزئ: وهو ما يقتصر فيه العبد على ما يجب في العبادة، وهو العدل.
أداء كامل: وهو الإتيان بمستحبات العبادة مع الواجبات، وهو الفضل.
والمعاملات كالبيع والشراء، والأخذ والعطاء.
فالعدل أن تأخذ ما هو لك، وتعطي ما عليك.
والفضل أن تعفو عن حقك أو بعضه، وتعطي أكثر مما وجب عليك.
والعدل والفضل مقامان للمنصفين والسابقين، ومن قصر دونهما فهو من الظالمين.
وقد أمر الله بالعدل، ورغّب في الفضل، وفي الجمع بينهما الثواب الجزيل، والحظ الأوفر.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [90]} [النحل:90].
وقال الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [34] وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [35]} [فُصِّلَت:34- 35].

.12- القاعدة الثانية عشرة:

إذا تزاحمت المصالح قُدِّم الأعلى على الأدنى.
فإذا تزاحمت المصالح نقدم الواجب على المستحب، ونقدم الفرض على النفل، والراجح على المرجوح.
وإذا تزاحمت المفاسد، واضطر الإنسان إلى واحد منها قدم الأخف منها.
فالواجب أولى من المستحب.. وأحد الواجبين أو المستحبين أحسن مما دونه.. وما نفعه عام أحسن مما نفعه خاص: {فَبَشِّرْ عِبَادِ [17] الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ [18]} [الزُّمَر:17- 18].
فيجب تقديم الواجب على المسنون في الصلاة والصدقة والصيام والحج وغيرها.
ويجب تقديم من تجب طاعته على من تستحب، وتقديم أعلى الواجبين على أدناهما، فيقدم المسلم طاعة الله ورسوله على طاعة كل أحد.
ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولهذا لا يطيع الإنسان والديه في منعهما له من الحج الواجب، والجهاد المتعين.
وتقدِّم المرأة طاعة زوجها على طاعة والديها.
ويقدِّم المسلم السنن الراتبة على السنن المطلقة.. والعبادات والمعاملات المتعدية على العبادات والمعاملات القاصرة.. ويقدِّم نفل العلم على نفل الصلاة والصيام.. ويقدم الصدقة على القريب على الصدقة على البعيد؛ لأنها صدقة وصلة.
وإذا تزاحمت المفاسد، واضطر الإنسان لها قدم الأخف منها.
فمن اضطر إلى أكل المحرم ووجد شاة ميتة وصيداً وهو محرم قدَّم الصيد على الميتة.. ويقدِّم ميتة الشاة على أكل الكلب.. ومن اضطر إلى وطء إحدى زوجتيه الصائمة والحائض وطئ الصائمة؛ لأنها أخف، ولأن الفطر يجوز للضرورة كالحامل إذا خافت على الولد.. ويقدِّم ما فيه شبهة على الحرام الخالص.. وهكذا.

.2- القواعد الفرعية:

.1- قواعد العبادات:


.1- الأصل في العبادات الحظر إلا ما شرعه الله ورسوله.

فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله.
فكل واجب أو مستحب شرعه الله ورسوله فهو عبادة نعبد الله بها، فمن أوجب شيئاً.. أو استحب شيئاً.. أو حرم شيئاً.. أو كره شيئاً.. أو أباح شيئاً.. لم يدل عليه الكتاب والسنة.. فقد ابتدع ديناً لم يأذن به الله.

.والبدع في العبادات قسمان:

إما أن يبتدع عبادة لم يشرع الله ولا رسوله جنسها أصلاً.
وإما أن يبتدع في العبادة ما يغير به ما شرعه الله ورسوله.
قال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [115]} [النساء:115].
وقال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [110]} [الكهف:110].
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالتْ: قال رَسُولُ: «مَنْ أحْدَثَ فِي أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه.

.2- المكلف هو البالغ العاقل.

فالعقل شرط لوجوب العبادات.
والتمييز شرط لصحة العبادات إلا الحج والعمرة.. والزكاة والكفارة.
والتكليف والرشد شرط لصحة التصرف.
والتكليف والرشد والملك شرط لصحة التبرع.

.3- من ترك المأمور به لم يبرأ إلا بفعله:

ومن فعل المنهي عنه جاهلاً أو ناسياً فهو معذور ولا يلزمه شيء، وعبادته تامة.
فمن صلى وهو محدث، أو ترك ركناً أو شرطاً من شروط الصلاة لغير عذر، فعليه الإعادة ولو كان جاهلاً أو ناسياً، ومن نسي النجاسة في بدنه، أو ثوبه، أو جهلها فلا إعادة عليه؛ لأن الأول مِنْ ترك المأمور.. والثاني مِنْ فعل المحظور.
ومن ترك نية الصيام لم يصح صومه، ومن فعل مفطراً جاهلاً، أو ناسياً فصومه صحيح.
ومن ترك الطواف أو السعي في الحج والعمرة فعليه الإتيان به، ومن فعل محظوراً من محظورات الإحرام كتغطية الرأس، ولبس المخيط ونحوهما وهو جاهل، أو ناسي فلا شيء عليه.

.4- إذا خُيِّر العبد بين أمرين فأكثر قَدّم الأصلح.

فإن كان التخيير لمصلحة العبد نفسه اختار ما يناسبه.
ومثاله: التخيير في كفارة اليمين بين إطعام عشرة مساكين.. أو كسوتهم.. أو تحرير رقبة.
والتخيير في فدية الأذى للمحرم بين صيام ثلاثة أيام.. أو إطعام ستة مساكين.. أو ذبح شاة.. وهكذا.
وإن كان التخيير لمصلحة الغير فهو تخيير يلزمه فيه الاجتهاد في الأصلح.
ومثاله: تخيير الإمام في أسرى الحرب بين قتلهم.. أو استرقاقهم.. أو أخذ الفدية منهم.. أو المنّ عليهم.
فيلزمه في هذا الأصلح للدين والأمة.
وناظر الوقف، وولي اليتيم، والوصي ونحوهم إذا تعارضت التصرفات، لزمه التصرف بأحسن ما يراه يحقق المصلحة.

.5- إذا عاد التحريم إلى نفس العبادة أو شرطها فسدت:

وإن عاد إلى أمر خارج لم تفسد، وإنما ينقص ثوابها.
فمن توضأ بماء محرم كمغصوب، أوصلى في ثوب محرم، وهو عالم ذاكر متعمد، فهذا بطلت طهارته وصلاته.
وإن كان الماء مباحاً، والإناء مغصوباً، حرم ذلك الفعل، وصحت الطهارة.
وإذا صلى رجل وعليه خاتم ذهب، حرم ذلك الفعل، والصلاة صحيحة، لأن التحريم في المسألتين عاد إلى أمر خارج.
والصائم إذا تناول شيئاً من المفطرات عالماً ذاكراً متعمداً فسد صومه، وإن فعل شيئاً من المحرمات في حق الصائم وغيره كالغيبة، والنميمة صح صومه مع الإثم.

.6- يجب فعل المأمور به كله، واجتناب المنهي عنه كله.

فإن قدر على المأمور به فَعَله، وإن قدر على بعضه وعجز عن باقيه فعل ما قدر عليه، ويجتنب المنهي عنه كله.
قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [16]} [التغابن:16].
وَعن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أمَرْتُكُمْ بِأمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». متفق عليه.

.7- إذا تعارض مندوبان:

فيقدم المندوب المهجور على المندوب المشتهر، وذلك لسببين: فعله، وإحياؤه.
ويقدم المندوب المتعدي نفعه كطلب العلم وتعليمه، على المندوب القاصر نفعه على فاعله كصلاة النفل، وتلاوة القرآن ونحو ذلك.
وإذا تعارض محرمان أو مكروهان لابد من أحدهما، كقتل النفس، وشرب الخمر، فَعَل الإنسان الأخف منهما، وقدم ما هو ضرره على نفسه، واجتنب ما يتعدى ضرره إلى غيره.

.8- كل عبادة مركبة من أجزاء لابد فيها من أمرين:

الترتيب والموالاة.
مثل الوضوء.. والصلاة.. والحج ونحوها.

.9- إذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد:

تداخلت أفعالهما، واكتفى عنهما بفعل واحد.
فمن دخل المسجد وصلى ركعتين، ونوى بهما ركعتي الوضوء، وتحية المسجد، والسنة الراتبة، وصلاة الاستخارة، حصل له أجر ذلك كله.
ومن حلف عدة أيمان على شيء واحد، وحنث فيه عدة مرات ولم يكفِّر، أجزأه كفارة واحدة عن الجميع.

.10- والواجب بالنذر كالواجب بالشرع.

فإذا نذر صلاة وأطلق فأقلها ركعتان، ويلزمه أن يصليها بشروطها وأركانها كالفرض.
ومن عليه صوم نذر لم يكن له أن يصوم نفلاً قبل أداء نذره.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ». أخرجه البخاري.

.11- الأحكام لا تتم ولا يترتب عليها مقتضاها حتى تتم شروطها، وتنتفي موانعها.

فالتوحيد مثمر لكل خير في الدنيا والآخرة، ودافع لكل شر في الدنيا والآخرة.
ولكن لا تحصل هذه الأمور إلا باجتماع شروطه، وانتفاء موانعه.
فأما شروطه:
فهي نطق اللسان بالتوحيد.. وإقرار القلب بالتوحيد.. وتصديقه ومحبته للتوحيد.. وبغضه للشرك.. وانقياد الجوارح للعمل بالتوحيد بالأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة.. فهذه شروطه.
وأما موانعه ومفسداته فهي ضد هذه الشروط.
وجماع الموانع:
إما شرك.. وإما بدعة.. وإما معصية.
فالشرك نوعان:
شرك أكبر يبطل التوحيد والأعمال بالكلية.
وشرك أصغر ينقص التوحيد ولا يزيله بالكلية، وكذلك البدع والمعاصي تنقصه بحسبها ولا تزيله بالكلية.
وكذلك الوضوء لا يتم إلا باجتماع شروطه وفروضه، وانتفاء موانعه ونواقضه.
وكذلك الصلاة لا تتم حتى توجد أركانها وشروطها، وتنتفي موانعها ومبطلاتها.
وكذا الزكاة والصيام والحج وسائر الأعمال لا تتم إلا بوجود الشروط، وانتفاء الموانع.
ودخول الجنة شرطه الإيمان والأعمال الصالحة، وموانعه الردة ومبطلات الأعمال، فلابد من حصول الشرط، وانتفاء المانع.
ودخول النار سببه الكفر والمعاصي، وموانعه الإيمان والتوبة.
فإذا حصل السبب، وانتفى المانع ثبت الحكم.
فكل عبادة، أو معاملة، أو عقد من العقود إذا فسدت، فسبب ذلك أحدأمرين:
إما لفقد أحد شروطها ولوازمها.. أو لوجود مانع يبطلها.

.12- يقوم البدل مقام المبدَل إذا تعذر الأصل.

فالتيمم يقوم مقام الوضوء عند فقد الماء أو التضرر باستعماله، ويؤدَّى به ما يؤدَّى بالوضوء من فرض ونفل ونحوهما.
وكذلك الهدي والأضحية إذا فقدت تبدل بخير منها أو مثلها.
وكذلك الوقف إذا جاز بيعه أبدله بما يحقق المصلحة من جنسه.
قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا [43]} [النساء:43].

.13- الفعل ينبني بعضه على بعض مع الاتصال المعتاد.

فالانقطاع اليسير بين مفردات الفعل الواحد لا يقطع الاتصال.
فإذا غسل بعض أعضاء الوضوء، وانفصل غسل الباقي عن الأول، فإن كان الفصل قصيراً لم يضر، وإن طال الفصل أعاده من أوله.. وهكذا في كل فعل تعتبر له الموالاة.
وإذا ترك شيئاً من صلاته وسلم قبل إتمامها، ثم ذكر ولم يطل الفصل، أتى بما تركه وسجد للسهو، ولو طال الفصل عرفاً أعادها كلها.
وإذا ألحق بكلامه استثناءاً أو شرطاً أو وصفاً، فإن طال الفصل عرفاً لم ينفعه، وإن اتصل لفظاً أو حكماً كانقطاعه بعطاس وشبهه لم يضر.. وهكذا في كل قول يعتبر اتصال بعضه ببعض.

.2- قواعد المعاملات:

.1- الأصل في المعاملات والعادات الحل والإباحة.

فلا يحرم من المعاملات والعادات إلا ما حرمه الله ورسوله.
فالعادات كلها كالمآكل والمشارب، والملابس والمراكب، والمساكن والمصانع، الأصل فيها الإباحة والإطلاق.
والمعاملات كلها كالبيوع، والإجارات وسائر العقود، الأصل فيها الإباحة.
فمن حرم شيئاً منها لم يحرمه الله ولا رسوله فهو مبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، كمن حرم بعض أنواع اللباس، أو الأجهزة، أو المصنوعات بغير دليل شرعي يحرمه.. والمحرَّم من هذه الأشياء كل خبيث وضار.
قال الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ [116] مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [117]} [النحل:116- 117].
وقال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [32]} [الأعراف:32].
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتْ: قالَ رَسُولُ: «مَنْ أحْدَثَ فِي أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه.